أب فخور، عشيرة غاضبة، وفتاة مراهقة حاصلة على جائزة نوبل تسعى لتحقيق العدالة - ملالا يوسفزي
" في المجتمعات الأبوية، والعشائر القبلية، تعرف الأباء عادة بأبنائها، ولكنني واحد من الآباء القليلين المعروفين ببناتهن، وأنا فخور بذلك!"
استهل والد مالالا حديثه في TEDx Talks بهذه العبارة، مخبرًا بها تفاصيل ما كان يحدث للنساء في المجتمعات القبلية الذي بدوره كان يعيش في واحد منها.
تتذكرون في هذه المقالة عندما تحدثنا عن خالدة بورهي ومحاربتها ضد قتل الشرف في قريتها؟
حسنًا، مالالا بطلة باكستانية أخرى وقفت ضد كل مفاهيم الإساءة للمرأة داخل قريتها بأسم العادات والتقاليد!
أصلها:
ولدت مالالا في قرية منجولا بمدينة خيبر في باكستان في الثاني عشر من يوليو عام 1997، لعائلة مسلمة سُنية تُدير مجموعة من المدارس في منطقتها.
سُميت مالالا تيمنًا بشاعرة ومقاتلة أفغانستانية من بوشتان (بوشتان هى جماعة عرقية تستوطن جزء من باكستان وافغانستان).
كيف بدأت مالالا رحلتها نحو التغيير؟
بحلول الخامس عشر من يناير لعام 2009 حركة طالبان قامت بمنع البنات من الذهاب إلى المدارس.
كما قاموا أيضًا بمنع التيليفزيونات، والموسيقى، وحتى ذهاب النساء للتسوق.
كانوا يعلقون جثث ضباط الشرطة المدبوحين في الشوارع والميادين أمام عامة الناس ليروها.
وبفعلهم لمثل هذه البشاعة، قد أعلنوا سيطرتهم على وادي سوات - حيث كانت تعيش مالالا - ضد القوات العسكرية الباكستانية.
ولكن قبل ذلك، في أواخر عام 2008، استطاع عمار أحمد خان من قناة الـ BBC مع مجموعة من زملائه في القناة الإتيان بفكرة تمكنهم من تغطية أخبار طالبان في وادي سوات بشكل يومي. كانت الفكرة أن يطلبوا من فتاة مدرسية الكتابة بشكل يومي عن حياتها حتى يتم نشر هذه الكتابات في شكل تدوينات على الموقع الإلكتروني للقناة. دون نشر اسم الفتاة بالطبع.
في البداية، فتاة تدعى عائشة كانت تدرس في أحدى المدارس التي يديرها والد مالالا، وافقت على كتابة مذكرات يومية وإرسالها إلى عمار، ولكن والداها أوقفاها عن تكملة التدوين خوفًا مما قد تفعله طالبان بهم.
ولذلك، أقترح ولاد مالالا على أبنته أن تقوم بالتدوين اليومي بدلًا من عائشة وقد كانت مالالا وقتها في الحادية عشر من عمرها.
في الثالث من يناير عام 2009 نشرت أول تدوينة لملالا على الموقع الالكتروني لقناة الـ BBC والتي سجلت فيها مالالا أحداث أول معركة للجيش الباكستاني مع طالبان في وادي سوات والتي أدت إلى إغلاق مدرستها بعد فترة قصيرة.
في الـ 24 من شهر يناير، بعد 9 أيام من غلق المدارس عنوة من قبل طالبان، كتبت مالالا: "الإمتحانات النهائية ستبدأ بعد إنتهاء هذه الإجازة المفتوحة، والتي سوف تنتهى اذا سمحت طالبان بذلك، أخبرونا أن نقوم بمذاكرة فصول معينة قبل دخول الإمتحان، ولكني لا أشعر بالرغبة في المذاكرة!"
تنديد مالالا تَصّعد دوليًا بشكل سريع، وأصبحت مالالا أهم مواطنة باكستانية في نظر المجتمع الدولي، كما قال رئيس الوزراء الباكستاني.
محاولة لأغتيالها!
في الـ 9 من أكتوبر عام 2012 على متن حافلة في وادي سوات، بعد الأنتهاء من أحد الامتحانات، تعرضت مالالا واثنتين من صديقاتها إلى طلق ناري من قبل طالبان.
بعدما أصيبت مالالا بطلقة في رأسها، بقيت فاقدة للوعي في حالة حرجة، ولكن بعدما تحسنت تم نقلها إلى مستشفى الملكة اليزابيث بالمملكة البريطانية.
حالتها الصحية بعد محاولة إغتيالها
نقلت فورًا بالطيران إلى مستشفى بيشوار العسكرية بباكستان حيث أجرى الأطباء عليها مجموعة من العمليات الجراحية جراء حدوث تورم في الجانب الأيسر من دماغها بعد إصطدام الرصاصة به.
صباح اليوم الأول بعد الحادثة، أجرى الأطباء عملية لنزع جزء من الجمجمة حتى يستطيع هذا التورم أن يأخذ الحيز المناسب له دون أن يسبب إنفجار في المخ والذي بدوره يؤدي إلى الوفاة.
بعد عملية جراحية استمرت خمس ساعات، نجح الأطباء في إنتزاع الرصاصة الأخرى التي كانت قد استقرت في أقصى كتفها من ناحية الحبل الشوكي.
لم تنتهى العمليات الجراحية بعد، في الخامس عشر من أكتوبر سافرت مالالا للمملكة البريطانية لتكملة رحلتها العلاجية كما ذكرناه أعلاه، بعد موافقة من أطبائها في باكستان وبالطبع موافقة عائلتها.
في الثالث من يناير عام 2013 خرجت مالالا من المشفى، لتكمل فترة النقاهة بين عائلتها الذين قد قاموا بتأجير منزل بجوار المشفى.
لخمس ساعات اخرى في الثاني من فبراير تعرضت مالالا لعملية جراحية لإعادة ما تم نزعه من جمجمتها بعدما تضائل حجم التورم في دماغها، والذي بدوره أعاد إليها سمعها بعد أن كانت قد فقدته جراء عملية الاستئصال.
الضجة الإعلامية
محاولة إغتيال مالالا تلقت إهتمام إعلامي كبير من جميع أنحاء العالم، ومنذ هذه الحادثة بدأت الناس بالتنديد بكل ما يحدث جراء سيطرة المجموعات الإرهابية على البلاد.
أكثر من 2 مليون مواطن باكستاني وقع على عريضة "الحق في التعليم" مما أدى في نهاية الأمر إلى تصديق الحكومة الباكستانية عليه، واعتباره قانونًا دستوريًا.
وبعدها، عرضت الجهات المختصة الباكستانية جائزة نقدية بقيمة 10 مليون روبية، ما يعادل 105 ألف دولار، لمن يُدلي بأي معلومة عن الجهات الإرهابية النشطة في باكستان.
جائزة نوبل
في العاشر من أكتوبر لعام 2014، أُعلن فوز مالالا بجائزة نوبل للسلام، جراء محاولاتها المستمرة والدائبة للتنديد بما تفعله المجموعات الإرهابية، وبإهمال الحكومة الباكستانية للتعليم وأهميته لكل أطفال الدولة. وبذلك تكون مالالا هى أصغر حائزة على جائزة نوبل للسلام في العالم.
نشاطها الخيري
في عيد مولدها الثامن عشر، قامت مالالا بتأسيس مدرسة في وادي بيكا بلبنان قرب الحدود السورية من أجل البنات اللاجئات من سن 14 لسن 18 سنة.
قامت بإنشاء هذه المدرسة من التبرعات التي جمعتها من خلال مؤسستها الخيرية التي تدعى "مؤسسة مالالا الخيرية".
وأيضًا خلال أحداث الروهينجا، قامت بنشر تغريدة على حسابها الشخصي بتويتر تندد فيه بسكوت السياسية "أونج سان سو كي" وتدعوها إلى التدخل واستخدام تأثيرها السياسي لحل هذه المشكلة.
يالها من مراهقة!
مالالا ليست فقط فتاة صغيرة تحارب من أجل حق شعبها في حياة كريمة، بل هى فتاة تحارب من أجل حق الأقليات جميعًا، مالالا فتاة تحارب الظلم وإنعدام المساواة في العالم كله ليس فقط في حدود دولتها.
رحلتها لم تكن بالسهولة التي تظهر في هذه السطور، مالالا خسرت جزء من قدرتها على تحريك عضلات وجهها بشكل طبيعي جراء حادث إطلاق النار الذي تعرضت له، يمكن لأي شخص ملاحظة ذلك بكل سهولة إذا شاهد إحدى مقابلاتها التلفزيونية.
عندما كنا نبحث عن آخر صيحات الموضة والألبومات الغنائية الجديدة في السوق كانت مالالا تشن حربًا على أصنام السياسات الدولية.
عندما كنا نغضب لعدم تمكننا من الذهاب إلى تلك الرحلة المدرسية التى طالما رغبنا فيها بشدة، كانت مالالا تحارب الإرهاب من أجل ان تذهب فقط إلى المدرسة لتتعلم!
في الوقت الذي أخذنا فيه حياتنا الميسورة من المسلمات، كانت مالالا تدافع عن حقوق اعتقدنا وقتها أنها شيء "عادي".
Written by ENGY HASSAN
Commentaires