الشغف في العمل
يستغرق مننا العمل ٨ ساعات يومياً، ٥ أو ٦ أيام في الأسبوع، وهو كثير من الوقت.
ولكن، إذا كنا لا نحب هذا العمل أو نشعر بالشغف تجاهه، فمعنى هذا أن هناك أكثر من ٤٠ ساعة في الأسبوع نشعر فيها بالملل، الإحباط، التعب، وعدم الإلهام، الأمر الذي لابد وأن يؤثر علينا، على جودة عملنا، على الشركة أو المنظمة التي نعمل بها، وعلى الأشخاص الذين نهتم لأجلهم.
الكثير من الناس يقللون من أهمية الشغف في العمل؛ فهم يرون العمل كوسيلة للحصول على أموال أكثر، للحصول على ترقية، وأن ينموا ويكبروا في عملهم، بغض النظر عن شعورهم تجاه هذا العمل.
ولكن إذا كنت لا تحب عملك، لا تشعر بالسعادة لذهابك إليه كل يوم، أو تشعر بالشغف تجاه ما تعمل، فسوف تصل إلى مرحلة الشعور بالملل والإحباط في العمل مهما طالت المدة.
الشغف في العمل هو الشعور بأن لديك غاية تهدف للوصول إليها، الاقتناع الذي تتحدث به عن عملك الذي تحبه، وهو يظهر في نبرة صوتك ولغة جسدك، وسعادتك التي تظهر عليك عندما تحقق هدف جديد؛ الشغف هو ما يمكنك من أن تحلم بتحقيق شئ، ويساعدك على تحقيقه.
سواء كنت موظف أو صاحب عمل، فإن شغفك بالعمل هو واحد من أهم نقاط القوة لديك، فهو ما يساعدك على أن تستمر في عملك وأن تحقق أكثر، بغض النظر عن المشاكل والتحديات التي قد تواجهها.
وللشغف في العمل فوائد عديدة، منها:
طاقة أكثر، قلق وتوتر أقل.
الأشخاص الذين يشعرون بالشغف تجاه عملهم عادةً ما يكونوا متحمسين أكثر للذهاب إلى عملهم كل يوم؛ فهم أكثر نشاطاً وطاقةً وتحفيزاً.
الشغف يساعد الأشخاص على الشعور بالسعادة في عملهم وبالنتائج التي يحققونها، الأمر الذي يساعد على تقليل شعورهم بالضغط والقلق والملل والإحباط.
فكل ذلك يساعدك على الشعور بالرضا في نهاية يوم العمل، مما يؤدي إلى الراحة العقلية التامة، بالإضافة إلى راحة الجسد بالكامل، وكل ذلك بسبب قيامك بالعمل الذي تحبه وتشعر بالشغف تجاهه.
الابتكار والإبداع.
لأن الشعور بالشغف تجاه العمل يقلل من الشعور بالقلق والتوتر والضغط، فإن هذا يؤدي إلى راحة البال والعقل، الأمر الذي يساعدك لأن تكون مبدع أكثر في عملك وأن يكون لديك أفكار وحلول مبتكرة وغير تقليدية.
جودة عمل أفضل.
شعورك بالشغف تجاه عملك يساعدك على التركيز أكثر في عملك. فأنت تحب ما تعمل، وهو مثير للإهتمام بالنسبة لك، ولذلك فإنك تركز أكثر في عملك، وتعمل جاهداً لتقليل الأخطاء والمشاكل، وتصبح أنت متحفزاً أكثر لأن تسعى وراء التميز والجودة العالية في كل ما تفعله.
الشغف يعطيك الغاية.
كل واحد مننا لديه هدف وغاية في حياته، وبدون هذه الغاية، سوف نتجول في هذا العالم بدون أي مكان في أذهاننا ولا هدف لنحققه.
فالشغف يساعدك على الحصول على هذه الغاية، فهو يعطيك شئ لكي تعمل تجاهه ، وهدف لكي تحققه.
ولكن ليس كل الشغف جيد. سكوت باري كوفمان ذكر في مقالته "لماذا الشغف الكثير قد يفسد عملك؟" أن هناك نوعين من الشغف:
“الشغف المتناغم"، والذي يتضمن الفوائد التي ذكرت سابقاً.
الأشخاص الذين يشعرون بالشغف المتناغم تجاه عملهم لديهم ميزة مهمة جداً، وهي أنهم قادرون على الفصل بين عملهم وبقية حياتهم والأنشطة الغير متعلقة بالعمل. فهم يهتمون جداً بعملهم ويحبونه جداً، ولكن عندما ينتهي وقت العمل، فهم قادرون على العودة إلى حياتهم والتمتع بها.
على الصعيد الآخر، هناك "الشغف المهووس" في العمل، والذي على الرغم من مشاركته للعديد من النقاط مع الشغف المتناغم، مثل: حب العمل، العمل تجاه غاية وهدف، والشعور بالرضا عقب الانتهاء من العمل وتحقيق النتائج؛ إلا أن لديه نقطة إختلاف واحدة، وهي أن من لديهم هذا الشغف تجاه عملهم لا يعلمون كيف يقوموا بالفصل بين العمل وبقية أنشطتهم الحياتية. فهم دائماً يعملون، وعندما لا يعملون، فهم يفكرون في العمل ويشعرون بالإحباط لعدم العمل، الأمر الذي يؤثر على بقية حياتهم والأنشطة والمسؤوليات الغير متعلقة بالعمل.
لذلك، فإن الخيط الذي يفصل بين الشغف التناغمي والشغف المهووس هو خيط رفيع جداً؛ ولكن من المهم أن نتذكر آن الشغف يأتي مننا وليس من عملنا، فهو حالة ذهنية وشعور داخلي. نحن من نخلق هذا الشغف بداخلنا، ولذلك، فنحن الوحيدون القادرون على أن نختار نوع الشغف الذي نريد أن نشعر به تجاه العمل.
Written by Yasmine Mokhtar
Comments